الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

حين يكتب امين حسن عمر عن الثورة والثورة المصنوعة


والله يا رمضان يا اخوي بالطريقة بتكتل ليك زول قريب ده 

أول مرة ألاحظ التشابه الغريب بين أمين وعلي عثمان فكلاهما لديه مقدرة عجيبة على تهيؤ الأشياء والظروف والعيش فيها 

امين طول اللفة والحوامة واستعراض التاريخ - بغير إعتبار بدلالات ذلك التاريخ- حتى إذا جاء إلى مربط الفرس باخت الطبخة وحرقت عديل كده فلم يستطع أن يحزم عقدة مقاله ويحبكها 

طبعا أسوأ بهارات أضافها امين على طبخته البائرة هذه هو هذا الإدعاء بان 80% من وقود الثورات العربية هم من الإسلاميين !!! وائل غنيم وابو عزيزي وخالد سعيد ، الجماعة ديل كلهم كانوا في نفس الأسرة التنظيمية التي ينتمي ليها امين؟!!! ثم محاولته تثبيت انتساب جماعته إلى الإتجاه الإسلامي ، ثم محاولته احتكار المساجد والجامعات لها ، في فقه العزابة دي اسمها " القطر قام" وهي نوع من الطبيخ ترمي فيه جميع ما يتيسر لك من خضروات وبهارات ثم تنتظر على امل أن يخرج ذلك شيئا مهضوما . يمكن الرجوع للأخوين طارق محجوب ويوسف لبس فك الله أسره ، أسوأ طباخين خلال فترات اختفائنا من الأجهزة الأمنية ، اما المدعو صديق الأحمر فكأنه لم يدرس بمصر حيث الشقق والطبيخ المشترك 

لم يستطع أمين انكار توافر شروط الثورة في حالة نظامه فراح يصوب ما يظنه سهاما على شخوص المعارضين ، الغريبة امين نسى شيخ حسن ضمن هجومه الشخصي هذا

طبعا أم مصائب مقال امين هو دفاعه المستميت عن نظام الفتي الأسد وتبريره قتل المواطنين في درعا وحمص ، بحجة أن النظام في سوريا يقف على بوابة الصمود العربي المدعاة في وجه العدو الصهيوني ، والسؤال المنطقي مم يحرس النظام السوري بوابتنا المخلعة؟ أليس من الظلم اليهودي ؟ فاذا كان النظام السوري يقوم بذلك نيابة عن النظام الصهيوني فهل هنالك فرق؟ هل هنالك فرق أن 
تموت برصاص علوي أو رصاص يهودي ؟ كلهم يدعي انهم ابناء الله واحباؤه وهاهو امين يحاول الإلتصاق اللزج بادعياء الحظوة الالهية

يحق لاسرائيل ان تدعي انها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط إذا كان امين مقياسا لنخبنا الحاكمة التي تجعل الحرية والديمقراطية رهنا بالوضع الامني ثم تعلن حالة الطوارئ 50 سنة حتى تغيب الحريات والمشاركة في السلطة 
ويحق للشيخ التونسي أن يصيح " لقد هرمنا .... هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية " ويحق للشاب التونسي أن يواصل اعتصامه في حديقة القصر الرئاسي حتى بعد نجاح الثورة ، لأنه كما قال قد بلغ عمره 39 عاما ولم يحلم بأن تطأ أقدامه حديقة القصر الرئاسي


ينصر الله الدولة العادلة ولو كانت كافرة، فالكفر بالله ظلم له ولكن الله ليس في عجلة للقصاص من الذين يظلمونه ، ولكنه سبحانه حرم الظلم على نفسه وجعله بين البشر محرما

من حق العامة من الناس تصديق كذبة انتماء دولة ما إلى " العالم الإسلامي" لمجرد أن اسم رئيسها ينتمي إلى ملة الإسلام ، أما حين يدعي ذلك شخص كأمين فهذا يسمى استغفالا للعقول ، ما الذي يؤهل سوريا او السودان او ايران للوقوف في وجه اسرائيل؟ على الأقل اسرائيل لا تقتل شعبها بالمئات والالاف  


سوف اجتهد في انزال نسخة الكترونية من كتاب توفيق الحكيم " عودة الوعي" بالله يا رمضان اطبع منه نسخة وارسلها لأمين عسى ولعل
أن يعود الينا امين الذي نعرف 

طوح الشوق بقلبي  
يا ابنة الدهقان صبي
قهوة مما تخبئ 
في دهاليز الزمان

باسمك الرحمن عذت
باسمك المانع لذت
باسمك الباسط حزت
كل خير في الزمان

وجهه الزاهي صباحي
كلمه الطيب راحي
منه شربي وامتياحي
في اباريق حسان


هل من سبيل إلى أن يسمعني أمين أم أن " المكتولة ما بتسمع النائحة"؟

 أم : ماذا تبقى من سناء جبينك المهزول يوم رضيت برد السفح عن وهج الجبال؟  

تحياتي 

صديق





الثورة.. والثورة المصنوعة
د. أمين حسن عمر
الثورة كلمة تترد كثيراً هذه الأيام في العالم العربي وترتجع أصداؤها من المحيط إلى الخليج. ولا شك أن تحليلات واجتهادات كثيرة حاولت تفسير هذه الظاهرة ولماذا تتزامن أحداثها في أرجاء العالم العربي  كافة؟ هل في ذلك دلالة على تشابه الأحوال أم توحد الشعور العربي أم أنها تداعيات تشبه تداعي أحجار الدمينو؟
الثورة.. ظاهرة طبيعية وانسانية
الثورة في معناها البسيط ظاهرة طبيعية إنسانية ناجمة عن تفجر بعد احتقان. لذلك نتحدث عن ثورات البراكين كما نتحدث عن ثورات الغاضبين. والمراحل التي تسبق الثورة طبيعية أو بشرية هي مرحلة التراكم فالاحتقان فالاحتباس فالانفجار. لذلك فأن الثورة لا يمكن أن تكون حدثاً آنياً وإن بدت حدثاً فجائياً. وحالة البركان هي أفضل تشبيه تمثيلي للثورة. ذلك أن البركان هو اجتماع هذه المراحل الأربعة . وعندما يتحدث المتحدثون عن الثورات يطيب لهم أن يتخذوا من الثورة الفرنسية مثالاً ولكن المثل الأقرب زماناً هما الثورتان التونسية والمصرية. ويسهل على كل مراقب أن يرى كل أطوار الثورة عبر السنوات في تراكم المظالم والفساد بوجوهها الاقتصادية والسياسية . وكيف تتفاقم الطبقية في المجتمع ويصبح المال دولة بين اغنياء تتضاءل اعدادهم وفقراء تتزايد اعدادهم . .وكذلك اضمحلال المشاركة السياسية من الشعب إلى الحزب ومن الحزب إلى الزمرة الحزبية ومن الزمرة الحزبية إلى العائلة والمحسوبين على العائلة. وفي كل الاحوال يضيق الماعون اقتصادياً وسياسياً.  ومع تزايد الغضب باسباب المظالم والفساد تتزايد محاولات السيطرة علي هذا الغضب وكبته بمزيد من الإجراءات الفوقية والقمعية حتى يحدث انسداد كامل أو شبه كامل . وبذلك تتوافر كل ظروف الانفجار ولا يبقى إلا مؤثر طفيف مثل رفيف أجنحة الفراشة ليقع تحت التداعي العظيم. وقد كان رفيف أجنحة الفراشة في تونس هو انتحار البوعزيزي وكان في مصر قتل شاب يافع في الاسكندرية وكان في ليبيا اعتقال محامي عائلات ضحايا السجن الألف ومائتين.
لا نحتاج  إلى استفاضة لتأكيد أن ما جرى في تونس ومصر وليبيا ثورة بكل ملامحها ومعالمها. ولكن ماذا عن الانتفاضات في الاردن والبحرين والعراق والمغرب وعمان واليمن واخيراً التظاهرات في سوريا هل هذه ظواهر ثورية تنطبق عليها تلك الوصوف والشروط. ولا يمكن لاحد التعميم في مثل هذه الظواهر.  ولكن يتوجب علينا أن نلاحظ ما إذا كان هنالك حالة احتقان وحالة احتباس ثم انفجار أم أن المحاولات في هذه الحالة أو تلك مجرد محاولة لاستنساخ الثورة في غير مكانها الملائم أو أجلها الموقوت.
الثورة المصنوعة أو استنساخ  الثورة
والسؤال ههنا هل بالإمكان استنساخ الثورة أو صناعتها. بادي الرأي نقول ان نزعة المحاكاة والتحريب نزعة انسانية اصيلة . ربما هي ما تبقى من صفة القرد إن كان أصل الإنسان إلى القرد يعود . ولكن من المعلوم أن بوابة الإنسان للتعلم هي المحاكاة ومحاكاة الثورة للوصول إلى نتائج مشابهة ستظل محاولة تتجمشها جماعات أو أحزاب أو مخابرات لعلها تتوصل إلى انفجار جماهيري يحقق أجندة أصحاب المحاولات. والإجابة أن غالب تلك المحاولات إلى الفشل. بيد ان ذلك لا يعني عدم نجاح بعض المحاولات في تخليق شبيه للثورة في مظاهرها اي في صناعة هوجة تصنع فوضى قد تحقق بعض اهداف صانعيها ولكنها لن تحقق بحال مردات الشعب.ثورة CIA  المصنوعة
ولمثل هذه الحال نسوق مثلاً للثورة التي تصنعها المخابرات الامريكية ضد الحكومة الوطنية الإيرانية على عهد مصدق رئيس وزراء ايران في مطالع الخمسينيات . والذي جاء على إثر ثورة شعبية سانده فيها رجالات الدين في ايران. وكان مصدق وطني متحمس عمل على تحويل سلطة الشاه إلى سلطة رمزية وضرب ضربته الكبرى بتأميم البترول الايراني. واجتهدت المخابرات البريطانية لازاحته من السلطة بتدبير عدد من الانقلابات الفاشلة بالتواطؤ مع الشاة بهلوي . وقصة الثورة التي صنعتها وكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA يرويها الضابط السابق في الوكالة والكاتب المشهور تيم فيرنر في كتابه عن تاريخ الوكالة المركزية الامريكية والموسوم (تراث الرماد) (Legacy of Ashes) والذي سرد فيها تاريخ الوكالة باخفاقاتها الكثيرة وانجازاتها القليله.  ومن بين تلك الانجازات القليله هو تزييف قيام ثورة شعبية مضادة لثورة مصدق . نجحت في الانقلاب على رئيس الوزراء الوطني وأعادت للشاه سلطاته المطلقة في حكم إيران (يمكن مطالعة القصة مفصله في كتاب Legacy of Ashes) ولكنها سنوردها مجملة. وكانت الخطة ترتكز على عدة محاور مموله بالكامل من الوكالة على عهد دلاس. يروي تيم فيرنر  مراحل الخطة بالقول (في فجر 19 اغسطس استأجرت الوكالة مجموعة من الدهماء لاجتراح احتجاجات واسعة وفوضى. وجاءت الحافلات والناقلات بمجموعات من رجال القبائل جنوب طهران . وكان قد دفع لزعمائهم بواسطة CIA ووصف فيما بعد وليام راونتري نائب السفير الامريكي في طهران الوضع بأنه كان يبدو وكأنه ثورة تلقائية بدأت تظاهرة عامة في أمكنة للرياضة الصحية شارك فيها حاملو الاثقال ومجموعة من رجال السيرك والاستعراض.  بدأوا في الصباح بشعارات ضد مصدق، وتمضي فصول القصة " ثم بدأ التخريب وحرق مكاتب الصحف الموالية للحكومة والتهجم على مقرات الأحزاب الموالية لمصدق . وضمت مجموعات الثوار المستأجرين رجال دين تكفلوا بالفتاوي. واتسعت دائرة الفوضى وقتل ثلاث أشخاص وجرى الإدعاء بأنهم ضحايا لقمع الحكومة . ثم اتسع القتل حتى بلغ مائتي قتيل . واحتلت المجموعات الموالية للشاه والجنرال زاهدي المتواطئ مع  الوكالة للاذاعة المحلية. في أجواء هذه الفوضى تحرك الجنرال زاهدي لقصف مقر رئيس الوزراء. وانتهى الانقلاب الذي تم تصويره وكأنه ثورة شعبية باعتقال مصدق وسقوط حكومته وتولى زاهدي السلطة لتسليمها كاملة للشاه. يقول تيم " وتسلم زاهدي مبلغ مليون دولار مكافأة على إعادة السلطة للشاه والبترول للامريكيين وحلفائهم البريطانيين " راجع  Legacy of Ashes pages 92-105". وكانت تلك الثورة المصنوعة واحدة من أمجاد وكالة لم يكن رصيدها من النجاح إلا حصاد هشيم او تراث رماد كما يقول مؤلف الكتاب.ثورة الشعب أم الموساد
تلك كانت نسخة الخمسينات في زمن صناعة الثورات. بيد أن الأمور تطورت إلى مدى بعيد بعد ذلك . واستفادت أجهزة المخابرات من تجارب ونماذج عديدة وحاولت تقليد ثورات حقيقية مثل ثورتي تونس وليبيا. وفي الآونة الأخيرة كشفت مواقع استخباراتية تفاصيل خطة لصنع ثورة تطيح بالنظام في سوريا. ولن  يتعجب أحد أن تكون سوريا هدفاً لنقل الثورة إليها . فسوريا تصنف غربياً من الدول الشمولية التي تقمع شعبها.  ولكن أهم من ذلك أنها الدولة التي توفر الملاذ الآمن لحركات المقاومة الفلسطينية . وهي التي دعمت ولا تزال تدعم المقاومة اللبنانية. والخطة كشفها موقع اسرائيلي وهي حسب ما ورد بالموقع "تعتمد استراتيجياً على استغلال رغبة الناس المشروعة في الحرية .وقد استقطبت اموال قدرت بملياري دولار لتنفيذها. وهي تستخدم انموذج الثورة التونسية باقناع مجموعات من الشباب بان طريق الاصلاح من داخل النظام مغلق . وأن الحل هو الثورة الشاملة أما الشباب الذي يجري تجميعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي . فهو شباب متعلم غالبا ما يعاني من العطالة وهؤلاء غير مدفوع لهم ولا هم يعلمون شيئاً عن الخطة . ولكن المجموعة الأخرى وهي شبكة بلطجية كما صار يطلق عليهم فهو خارجون عن القانون وأصحاب جرائم كبرى.  وهؤلاء مدفوع لهم للقيام بالتخريب . وربما الاعتداء المسلح على الثائرين والشرطة والأمن على حدٍ سواء.  ثم هنالك مجموعة من الغلاة الطائفيين من الطائفتين السنية والعلوية . كما هنالك تحريض للمجموعة العرقية المتمثلة في الاكراد . ثم مجموعة من الاعلاميين بعضهم متحمسون بسبب أجواء الثورة العربية . والبعض الآخر مدفوع لهم. والخطة تعتمد على استفزاز السلطة لتنجر إلى القمع والعنف . واستغلال الفوضي لإيقاع ضحايا يثير عددهم غضباً عارماً ضد النظام. والخطة مفصلة تفصيلاً دقيقاً قد يثير الريبة لدى البعض . وقد يعتبرها البعض واحدة من أساليب الحكومة السورية في التحصين ضد انتقال عدوى الثورة لربما . ولكن المعلومات عن الخطة انتشرت حتى في المواقع الاستخبارية الاسرائيلية . وتطابقت تفاصيلها التي نشرت قبل الأحداث في سوريا مع ما جري بعد ذلك في درعا وحمص واللاذقية والصنمين وغيرها.
صدق او لا تصدق...ولكن
لا شك أن القراء سوف يختلفون حول صدقية الرواية وبالامكان مراجعتها في مواقع الشبكة الدولية.  بيد أن الأمر الذي ليس فيه جدال أن مشروع صناعة الثورة سيظل مشروعاً مطروحاً لدى كثير من القوى السياسية المعارضة للانظمة ولدى وكالات المخابرات المعادية. واما كاتب السطور فيرى شواهد كثيرة تدعوه لاعتبار ما نشر صحيحاً . ليس بسبب التعاطف مع سوريا التي تقف على جبهة صامدة ضد مشروعات اختراق الامة . وليس تبريراً لأي شكل من اشكال الحرمان السياسي والاجتماعي . والذي تحركت القيادة السورية للتعامل معه بجديه ملحوظة وبسرعة غير مسبوقة. ولكن السيناريو سوف يتكرر في بلدان أخرى مستهدفه بواسطة المخابرات المعادية وعملائها من الأحزاب المحمولة على أكتاف وكالات الاستخبار الدولي.
الثورة ظاهرة بركانية فإذا كان بالإمكان توقع توقيت انفجار البركان، فإنه من الممكن توقع انبعاث تفجر الثورة. ولاشك أن بالإمكان التخطيط لتظاهرات واعتصامات وإضرابات ولكن ذلك كله لا يصنع ثورة . أي لن يؤدي إلى انفجار الثورة الشاملة.  ما لم تكن شروطها متوافرة وقد ذكرناها من قبل. وهي التراكم فالاحتقان فالاحتباس ثم الانفجار. وفي مقال سابق ذكرنا أن جهات كثيرة لن تكف عن محاولة صناعة ثورة شعبية. سواء كانت تلك الجهات جماعات أيديولوجية أو أحزاباً سياسية أو منظمات استخبارية. وأشرنا في ذلك السياق لثورة وكالة المخابرات المركزية في إيران. ثم إلى المحاولات الأخيرة لصناعة ثورات في العالم العربي على غرار الثورة التونسية والثورة المصرية.
الانتفاضات العربية.. التأثيرات المتبادلة:
ومما لا شك فيه أن الفضاء الثقافي المشترك لسانياً ووجدانياً في العالم العربي، يجعل التأثير بين مجريات الوقائع في البلدان العربية أمراً متوقعاً. فليس من المستغرب أن يحرك النجاح الذي أحرزته انتفاضات الجماهير في تونس ومصر مشاعر الغاضبين أو المحبطين أو الطامعين في بلدان عربية أخرى. يساعد على ذلك شيء من التشابه في الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلدان التي مسها طائف الثورة. بيد أن الأبصار بالمتشابه لا ينبغي أن يعمي الدارس الفاحص عن النظر إلى المختلف. فهنالك دائماً موافقات وفروق. وغلبة المشابه على المختلف يرجح احتمال الثأثير الأكبر. وأما إذا غلبت الاختلافات فأن توقع نفس النتائج يصبح مجازفة في التحليل أو استنامة في الحلم الجميل.
الثورة المصنوعة.. حالة اليمن:
لسنا هنا بصدد الدفاع عن نظام حكم ولسنا في وارد إدانته بذكر نقائصه أو عيوبه. فليس في النظم الحاكمة في العالم العربي اليوم نظام يمكنه أن يدعي خلواً من المعايب والنقائص. فهي إما موغلة في الطائفية أو العشائرية أو الجهوية. أو هي موغلة في التعصب المذهبي أو الأيديولوجي أو الحزبي. وتتفاوت فيها أوضاع الحريات ومستويات النزاهة ولكنها لا تقترب أبداً إلى مقام الرضا والامتنان الشعبي. واليمن ليست حالة خاصة فالاحتكار الحزبي وتولية الأقرباء والمقربين علامات ظاهرة لا يسع النظام نكرانها، ثم أن خصومه يعيبونه بأكثر من ذلك. ثم أن اليمن بلد فقير فيه موارد كثيرة مضيعة، ولحكومته خصوم شداد طائفيون وأيدولوجيون وخصوم آخرون سياسيون. بيد أن النظر السديد للحالة اليمنية يفسر تطاول تحقق أمل الآملين في تداعي النظام وتهاويه. ذلك أنه مهما أطلقت القنوات الفضائية من ألقاب الثورة والتغيير على تحركات المعارضين والمناهضين وعلى ساحاتهم بساحات التغيير، فإن ذلك لن يغير واقع أن ما يجري في اليمن محاولة لاستيلاد ثورة لم يكن آوانها قد أزف. لأنه مهما توافرت شروط تراكم أخطاء ومظالم أورثت النظام غضباً يمور في بعض الصدور، إلا أنه كان في اليمن دائماً متنفساً لهذا الغضب في أحزاب المعارضة وفي صحفها وفي تظاهرات الحراك الجنوبي التي لم تخمد سنيناً عدداً، وفي عراك الحوثيين . كان هنالك غضب متراكم ولكن لم يكن هنالك احتقان ولا احتباس. ولذلك لزم الصانعون عملية توليد صناعي طويلة المدى وعالية التكلفة. فلئن كان هنالك مئات الألوف قد استيئسوا من خير يأتيهم من بقاء النظام أو توجسوا من شر قد يأتيهم من استمراره، فإن هنالك مئات الألوف (كما لا تكذب عدسات الكاميرا) لا يزالوان يعلقون رجاءهم على إصلاح النظام بمبادرات من داخله لا من خارجه، أو هم يتوجسون ممن قد يأتي من بعده من فوضى أو صراع أو انشقاق أو انفصال. وانقسام الساحة اليمنية هذا الانقسام الكبير دليل على أن محاولة تصوير ما يجري في اليمن وكأنه صنو وشبيه لما جرى في تونس ومصر محاولة تفتقر إلى الفهم العميق أو التحليل المتجرد. فلم يحدث في تاريخ الثورات مبارزة بالجماهير الغفيرة كما يحدث في اليمن اليوم. ولن يشتري أبداً صاحب حكم سديد إدعاءات الخصوم بأن أنصار الرئيس هم رجال ونساء برسم البيع والشراء. فهذا فوق تجاوزه للمعقول فإنه ازدراء لشعب كريم لا يجوز رمي مئات الألوف منهم بهذا البهتان العظيم. ومهما جرت الوقائع والأحداث في اليمن فانتهت إلى تسوية تعصم الدماء وتعزز الاستقرار وتحقق مطلوب الناس في الحرية. أو جرت المقادير بغير ذلك فإن الأمر لله من قبل ومن بعد. ولكن ذلك لن يغير الحقيقة المتمثلة في تلاقي مصالح أحزاب وجماعات أيديولوجية وطائفية لصناعة ثورة في اليمن في مناخ الثورات العربية. وقد تفلح تلك المساعي في تغيير النظام ولكن ذلك لن يصنع واقعاً ثورياً يفتح الأبواب لتحولات جوهرية في واقع ذلك البلد الشقيق.
محاولات صنع الثورة سودانية:
ومناخ الثورات العربية يحرك أشواقاً قديمة لجماعات إيديولوجية صغيرة وقوى سياسية غاضبة ومخابرات أجنبية متربصة لتجريب صناعة انتفاضة جديدة في السودان. لم لا وهم يحتقبون  ذلك منذ أول يوم تفجرت فيه الإنقاذ. فشعار الانتفاضة والانتفاضة المحمية كان دائماً حاضراً في ما يخطط هؤلاء ويدبرون.  وسيناريو ثورتهم هو نفس السيناريو المرسوم. لأن الطاقة الإبداعية محدودة لدى هؤلاء فشعارات في الفيس بوك وتويتر (90% من التعليقات والتويتات من خارج السودان) ثم تظاهرات من مجموعات طلابية ثم إدعاء قمع ثم شهداء ثم إثارة فوضى من بعض حاملي السلاح وهكذا تندلع الثورة. ولِمَ لا والسودان هو صاحب السنة الثورية في العالم العربي.
ولكن هؤلاء في غمرة التمني تناسوا كثيراً من الدروس وتجاهلوا كثيراً من الأماني في أكتوبر وأبريل انتهت إلى حيث يخيب الرجاء لا إلى حيث يتحقق المأمول.  وتجاهلوا أن التظاهرات التي كانت وقود الثورة في البلاد العربية قد خرجت الجامعات (حيث يسيطر الاتجاه الإسلامي على 80 % من مقاعد اتحاداتها في السودان) أو من المساجد التي هي موئل الاتجاه الإسلامي وحائط استناده المتين. فمن أين ستبدأ ثورة أبو عيسى وحسنين ونقد؟ وأي اسم سوف يطلق على هذه الثورة؟ إن كانت الثورات العربية يطلق عليها ثورات الشباب ؟ أمن حظ هذا الشعب أن يقوده الشيوخ فإلى أين؟؟ وأي جمعة غضب سيخرج فيها أبو عيسى لسان حال الثورة الموعودة والناطق باسمها وأمثاله.  تلك ثورة الغائب عنها خير من الحاضر . بيد أن ذلك لا يعني أن الإنقاذ براء من العيوب أو أنها خالية من الأخطاء أو أنها في مأمنة من غضب الرأي العام عليها. ولكن ما يجري في السودان مهما شابته النقائص أو اعتراه القصور فإن للناس متنفساً كبيراً للتعبير. وفي مسعى الحاكمين للإصلاح مندوحة عن التغيير الذي لواؤه مرفوع بواسطة من ذكرنا آنفاً. ثم أن النظر إلى بدلاء الحاكمين عصمة للناظرين من المجازفة التي ترد صاحبها من الظل إلى الحروب أو إن شاء آخرون من الرمضاء إلى النار  وحسبنا الله ونعم الوكيل.
انتهــــــــــى.. 


منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق